ـ(265)ـ يقول العلامة المصري محمد متولي الشعراوي في صدد حفظ الله سبحانه وتعالى للقرآن الكريم: "وهنا نلاحظ شيئا مهماً يبين لنا أن معجزة القرآن محفوظة من الله سبحانه وتعالى، لو أخذنا خطين: خط تطبيق القرآن والعمل بتعاليمه، وخط المحافظة على القرآن، نرى أن تطبيق القرآن والعمل به كلما مر الزمان قل وضعف، أما المحافظة على القرآن فكلما مر الزمان زاد بشكل عجيب، حتى انك ترى القرآن الآن في كل مكتب، وفي السيارات، وعلى صدور السيدات، وفي المنازل، وفي كل مكان، وتجد تجميلا في القرآن من أناس لا يؤمنون به، فترى رجلا ألمانيا- مثلا- يكتب القرآن كله في صفحة واحدة، ويخرجه بشكل جميل وهو ربما لم يقرأ القرآن في حياته، وتجد اليابان مثلا تتفنن في طبع المصاحف الجميلة، فإذا سألت لماذا لا يفعلون ذلك في الكتب الأخرى؟ نقول لك: إنهم مسخرون لذلك، لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يحفظ القرآن، وكل هذا الحفظ الذي تراه هو من عمل الله، وليس من عمل الإنسان، وأنت حين ترى القرآن في مكتب أو سيارة أو منزل وتسأل صاحب المنزل أو السيارة أو المكتب هل تعمل بهذا القرآن ؟ هل تؤدي الصلاة كما يجب ؟ يقول لك لا، إذن لماذا تحتفظ بالقرآن في منزلك دون أن تعمل به ؟ فلا يستطيع أن يجيب، أو يقول لك: إنّه بركة. ومن هنا فإن غفلتنا عن تعاليم القرآن الكريم كسلوك في الحياة لا تتمشى مع ازدياد الحفاظ على القرآن الكريم، أحيانا تجد غير المسلم يحافظ على القرآن ويحمله، وأحيانا تجد من لا يطبق القرآن يقتني أكبر عدد من المصاحف، ومن هنا فإن الله سبحانه وتعالى يريد أن يبين لنا أن الذي يحفظ القرآن هو الله، وأنه كلما نقص خط العمل بالقرآن ازداد خط الحفاظ عليه، لأنّ العباد هم المكلفون بالعمل، ولكن الله سبحانه