ـ(227)ـ وأيّد بعضهم ذلك بأن العقل يحكم بالعمل بما هو راجح الصدق، وعدالة الراوي المشترطة في خبر الواحد تجعل الصدق راجحاً على الكذب. 2ـ قول النبي صلى الله عليه وآله "نظر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأدّاها"، ومعلوم أنّ الاحتجاج بهذا الحديث متوقف على تواتره، لأنه إن كان من خبر الواحد لا يصحّ الاستدلال به على حجية أخبار الآحاد، بل قد يقال أنه لا يصلح للاحتجاج حتى على فرض كونه متواتراً؛ فقد تكون الحجية للخبر الذي يرويه عدة سامعين على نحو التواتر ويؤدّونه للآخرين، وغاية ما في هذا الحديث الحث على أن يسمع المؤمن الأخبار ويحفظها وينقلها للأجيال، وهو لا يلازم الحجيّة التي قد تكون خاصة بحالة ما إذا نقل عدة رواة خبراً ما بحيث يؤمن تواطؤهم على الكذب. 3ـ إجماع الصحابة على العمل بخبر الآحاد. 4ـ بعث النبي صلى الله عليه وآله اثني عشر رسولاً إلى اثني عشر ملكاً، فلولا أن خبر الآحاد حجّة لكان عمل النبي صلى الله عليه وآله هذا لاغياً. وقد يناقش في هذا الدليل أيضاً بأن الحجية لم تكن لأُولئك الرسل أنفسهم، وإنّما كانت للكتب والرسائل التي وجهها النبي صلى الله عليه وآله للملوك، كما هو الأمر في بعثة الأنبياء فإن مجرد مجيء النبي إلى الناس لا يقوم حجّة عقلية عليهم، وإنّما الحجة هي الوثيقة التي يبرزها إليهم والتي تثبت نبوّته وهي المعجزة. ثمّ بحثوا في شروط قبول خبر الواحد، وذكروا هنا عدة شروط- غير شرط العدالة- وهي: 1ـ أن لا يعمل الراوي خلاف الخبر الذي يرويه. 2ـ ألاّ يكون موضوعه ممّا تعم به البلوى، فإن خبر الواحد يكون بياناً شرعياً تاماً في موضوعات قليلة الابتلاء، ولا يكون كذلك في موضوعات يكثر الابتلاء بها