ـ(226)ـ الكذب في العصور الثلاثة الأُُولى: عصر الصحابة، أو التابعين، وتابعي التابعين (1)، لأنّ النقل بعد ذلك صار بطريق التدوين؛ وحكم التواتر أنه يفيد العلم واليقين وأن جاحده كافر(2)، وان الاحتجاج به بقوة الاحتجاج بالقرآن (3)، وذكروا للتواتر شروطاً عديدة اتفقوا على ثلاثة منها هي: 1ـ أن تكون الرواية مستندة إلى الحسّ لا إلى العقل. 2ـ أن يستوي طرفا التواتر ووسطه في العدد المطلوب من الرواة، وفي كون الرواية عن حسّ ولا تستند إلى العقل، أي أن النقل في العصور الثلاثة يكون مشتملاً على الشرطين الأول والثالث، فلا يتخلف عصر منها عن أحد الشرطين. 3ـ تعدد الرواة بحيث يمتنع التواطؤ على الكذب (4)، ولا صحة لما ذكر من التحديد بخمسة أو سبعة أو عشرة أو ثلاثمائة... لأن هذه التحديدات لا ترجع إلى أساس عقلي ولا نقلي (5)، والمدار هو إفادة الخبر المتواتر للعلم. أمّا سنّة الآحاد فهي "ما رواها عن الرسول صلى الله عليه وآله آحاد لم تبلغ عدد التواتر"، وحكمها أنها تفيد الظن لا اليقين ويؤخذ بها في الفروع دون الأُصول الاعتقادية للشك في ثبوتها؛ واختار الآمدي أنّها تفيد اليقين إذا احتفّت بها القرائن، وقال الجمهور إنّها مقبولة في الحدود، وخالف في ذلك أكثر الحنفية(6). واستدلّوا على حجية خبر الواحد بأدلّة عديدة منها: 1ـ القياس على قبول شهادة العدلين، فإنّها قائمة على أساس ترجيح جانب الصدق على جانب الكذب؛ وكذلك خبر الواحد نعمل به ترجيحاً لصدقه على كذبه، ________________________________ 1ـ أُصول الفقه الإسلامي: 452، د. وهبة الزحيلي. 2ـ المصدر نفسه: 453. 3ـ أُصول الفقه: 108، محمد أبو زهرة. 4ـ أُصول الفقه الإسلامي: 452، د. وهبة الزحيلي. 5ـ المصدر نفسه: 453. 6ـ المصدر نفسه: 454.