ـ(219)ـ والسنة لغة تعني الطريقة المسلوكة بنحو الدوام والاستمرار، وفي الاصطلاح الفقهي يراد بها معنىً مرادفاً للاستحباب تارة ومعنى مقابلاً للبدعة تارة أخرى، وقد يُستعمل المعنى الثاني في الإصلاح الكلامي أيضاً، أما في الاصطلاح الأصولي فالقدر المتفق عليه بين المذاهب الإسلاميّة هو أن السنّة هي قول النبي صلى الله عليه وآله أو فعله أو تقريره؛ وحيث يُثبت المذهب الأمامي بأدلّة عديدة أن المعصوم من آل البيت عليه السلام يجري قولـه وفعله وتقريره مجرى قول وفعل وتقرير النبي صلى الله عليه وآله وأن الأئمة عليهم السلام هم الحجج على العباد من بعد النبي صلى الله عليه وآله لذا فقد توسعوا في تعريف السنّة بحيث يشمل سنة الإمام عليه السلام فأصبحت السنّة باصطلاحهم تعني ,قول المعصوم أو فعله أو تقريره"(1). وحجية السنّة أمر بديهي لا يحتاج إلى بيان وإثبات لمن استقامت سليقته واعتدلت طريقته، ولو لم تكن حجّة لكانت وصايا النبي صلى الله عليه وآله وتعاليمه وتوجيهاته لغواً، ولما احتاج المسلمون إلى أقواله صلى الله عليه وآله، ولأصبحت إجاباته عن أسئلتهم بغير طائل بل لكانت آيات القرآن الداعية إلى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وطاعته والأخذ عنه والانتهاء بنهية لاغية لا معنى لها؛ ومن هنا قال العلامة السيد محمد تقي الحكيم: "أني لا أكاد افهم معنىً للإسلام بدون السنّة، ومتى كانت حجيتها بهذه الدرجة من الوضوح فإن إقامة البرهان عليها لا معنى لـه، لأنّ أقصى ما يأتي به البرهان هو العلم بالحجية وهو حاصل فعلاً بدون الرجوع إليه، ولكن الأعلام من الأصوليين درجوا على ذكر الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة والإجماع والعقل، ولابد لنا من مجاراتهم في هذا المجال..."(2). والحقيقة ان فقهاء وأصوليي المذاهب الأربعة اقاضوا في إثبات حجية السنّة وتوسعوا في النقض والإبرام بما ________________________________ 1ـ أُصول الفقه 2: 61، محمد رضا المظفر. 2ـ السنّة في الشريعة الإسلاميّة: 12، محمد تقي الحكيم (فصل مستقل من كتابه الأُصول العامة للفقه المقارن).