ـ(16)ـ عددي دون أن نكتشف أوجه الارتباط بها ودون أن نحدّد في نهاية المطاف نظرية قرآنية لكلّ مجال من مجالات الحياة. هذا، مع أنّ الروابط والعلاقات ما بين هذه المعلومات التي تحولها إلى مركبات نظرية، بالإمكان أن نحضر على أساسها نظرية قرآنية لمختلف المجالات والموضوعات، أما هذا فليس مستهدفاً بالذات في منهج التفسير التجزيئي وإن كان قد يحصل أحياناً(1). "أما منهج التفسير الموضوعي فإنّه يرجح على منهج التفسير التجزيئي بتجاوزه خطوة تكاملية إلى الأمام، لأنه لا يكتفي بإبراز المدلولات التفصيلية للآيات القرآنية، بل يحاول أن يستحصل أوجه الارتباط بين هذه المدلولات التفصيلية من أجل الوصول إلى مركب نظري قرآني يحتل في إطاره كل واحد من تلك المدلولات التفصيلية موقعه المناسب، وهذا ما نسميه بلغة اليوم بـ(النظرية)، فيصل إلى نظرية قرآنية عن النبوّة والمذهب الاقتصادي، وسنن التاريخ والسماوات والأرض...."(2). "وقد يقال ما الضرورة إلى تحصيل هذه النظريات الأساسية،(بحيث يكون ذلك ميزة للمنهج الموضوعي على المنهج التجزيئي)، مع أننا نجد أن النبي صلى الله عليه وآله لم يعط هذه المفردات على شكل نظريات محددة وبصيغة عامة، وإنّما أعطي القرآن بهذا الترتيب للمسلمين" ؟(3). وجواب هذا: إن النبي صلى الله عليه وآله كان يكتفي بإعطاء المفردات على هذا الشكل، لأنه كان من خلال التطبيق ومن خلال المناخ القرآني العام الذي يبينه في الحياة الإسلاميّة، كان كل فرد مسلم- في إطار هذا المناخ- يفهم هذه النظرية ولو فهماً إجمالياً ارتكازياً. وأما حيث لا يوجد ذلك الإطار(وذلك لعدم تطبيق هذه النظريات عملياً، ومن ________________________________ 1ـ المدرسة القرآنية، المحاضرة الأُولى: 11، 12. 2ـ المدرسة القرآنية، المحاضرة الثانية: 27. 3ـ المدرسة القرآنية، المحاضرة الثانية: 33.