ـ(15)ـ القرآن الكريم"، ثمّ يعود إلى الواقع الخارجي مرّة أخرى بنتائج بحثه في القرآن، مما يجعل القرآن الكريم ملبياً وبشكل مستمر لكلّ متطلبات الحالة الإنسانية والاجتماعية التي تفرضها حركة التاريخ والحركة التكاملية لهذا الإنسان. "ومن هنا تبقى للقرآن قدرته الدائمة على القيمومة والعطاء المستجد الذي لا ينفد، والمعاني التي لا تنتهي، التي نص عليها القرآن نفسه ونصت عليها أحاديث أهل البيت عليهم السلام"(1). ولا توجد مثل هذه الخصوصية والميزة في منهج التفسير التجزيئي الذي يبدأ من القرآن وينتهي إلى القرآن؛ حيث يفترض الشهيد الصدر قدس سره أنّ هذا النوع من التفسير يشابه التفسير اللغوي، ويتوقف فيه على المعنى والمفهوم اللغوي واللفظي للقطعة القرآنية التي يُراد تفسيرها، دون التعمق في تفسير المعنى من أجل الوصول إلى المصاديق المرتبطة بحركة الواقع وظروفه، مما يجعلنا غير قادرين على الإجابة عن كثير من المسائل التي تواجهنا في الواقع المعاش. وعلى هذا الأساس كانت طاقات التفسير(التجزيئي) طاقات محدودة "لأن طاقات التفسير اللغوي طاقات محدودة بمحدودية طاقات اللغة، إذا ليس هناك تجدد في المدلول اللغوي، ولو وجد فلا معنى لتحكيمه على القرآن"(2). الثاني: إن هدف التفسير التجزيئي في كلّ خطوة من خطواته هو فهم مدلول الآية القرآنية أو القطعة القرآنية التي يواجهها المفسر بكل الوسائل الممكنة. وعلى هذا فإن حصيلة التفسير التجزيئي للقرآن الكريم تساوي - وعلى أفضل التقادير - مجموع مدلولات القرآن الكريم ملحوظة بنظرة تجزيئية أيضاً، أي انه سوف نحصل على عدد كبير من المعارف والمدلولات القرآنية، ولكن في حالة تناثر وتراكم ________________________________ 1ـ المدرسة القرآنية، المحاضرة الأُولى:22. 2ـ المدرسة القرآنية، المحاضرة الأُولى: 23.