ـ(142)ـ في تفسير الآية: "ثمّ عَمَد، ولكن لا تُرى"(1). 2ـ ?وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ?(2). إن المفسّرين الأقدمين وإن حملوا اللقاح في الآية الكريمة على معنى الحمل، باعتبار أنّه أحد معانيه، وفسّروا الآية المباركة بحمل الرياح للسحاب، أو المطر الذي يحمله السحاب، ولكنّ التنبيه على هذا المعنى ليس فيه كبير اهتمام، ولاسيما بعد ملاحظة أنّ الرياح لا تحمل السحاب، وإنّما تدفعه من مكانٍ إلى مكانٍ آخر. والنظرة الصحيحة في معنى الآية- بعد ملاحظة ما اكتشفه علماء النبات- تفيدنا سرّاً دقيقاً لم تدركه أفكار السابقين، وهو الإشارة إلى حاجة إنتاج الشجر والنبات إلى اللقاح، وأنّ اللقاح قد يكون بسبب الرياح. 3ـ ?وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ? ?سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ?(4). ففيها أُشير إلى أنّ سنّة الزواج لا تختصّ بالحيوان، بل تعمّ النبات بجميع أقسامه. 4ـ ?الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى?(5). الآية الكريمة تشير إلى حركة الأرض إشارة جميلة لم تتّضح إلاّ بعد قرون. فقد استعارت للأرض لفظ المهد الذي يُعمل للرضيع، يهتزّ بنعمومة لينام به مستريحاً هادئاً، وكذلك الأرض مهد للبشر وملائمة لهم من جهة حركتها الوضعية والانتقالية، ولم تصرّح بحركتها لأنّها نزلت في زمان أجمعت عقول البشر فيه على سكونها، حتّى أنّه كان يعدّ ________________________________ 1ـ البرهان في تفسير القرآن 2: 278. 2ـ سورة الحجر: 22. 3ـ سورة الرعد: 3. 4ـ سورة يس: 36. 5ـ سورة طه: 53.