ـ(141)ـ الكوني بما فيه من الموجودات الأرضية والسماوية، ومعنى قولـه تعالى ?وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ?(1). بعد ما نصّ على أنّ الكتاب ليس لـه شأن إلاّ الهداية، هو أنّه يبيّن كلَّ ما يتوقّف عليه هداية الإنسان، وخصوصاً ما يعجز البشر عن الوقوف عليه. ومع ذلك كلّه، ربّما يتوقّف غرض الهداية- خصوصاً في الدراسات التوحيدية- على إظهار عظمة العالم ودقّة نظمه، والقوانين السائدة عليه، فعند ذلك يصحّ لهذا الكتاب الهادي لفت النظر إلى تلك المظاهر والقوانين الكونية. ومن هذا المنطلق، نرى أن القرآن أشار إلى رموز في الكون وسنن جارية فيه، تتطابق مع القضايا العلمية الثابتة حديثاً بفضل التجربات الممتدّة، واليك فيما يلي نماذج من تلك الآيات: 1ـ ?اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ?(2). إنّ الضمير في قولـه ?تَرَوْنَها? يرجع إلى ?عَمَد? لا إلى ?السَّماوات? لقرب الأوّل وبعد الثاني، والمعنى: الله الذي رفع السماوات بعَمَدٍ غير مرئية، بمعنى أنّ للسماوات عمداً ولكن لا ترونها، فما هذه الأعمدة التي يثبتها القرآن للسماوات ولا نراها؟ فإذا كانت الجاذبية العامة والقوّة المركزية الطاردة، عمداً تمسك السماوات فتكون الآية ناظرة إلى تينك القوتين المتعاندتين، وإنّما جاء القرآن بتعبير عام حتّى يفهمه الإنسان في القرون الغابرة والحاضرة، ولو أتى بما اكتشفه العلم الحديث، لرُمي القرآن قبل الاكتشاف بالخطأ والزلل. وفي هذا المعنى رواية رواها الصدوق عن أبي الحسن الرضا عليه السلام حيث قال الإمام ________________________________ 1ـ سورة النحل: 89. 2ـ سورة الرعد: 2.