ـ(135)ـ أدقّ مسلكاً وأبعد غوراً ممّا فسّروها به، ولا يسع المقام بيانه(1). تذييل: جاء في بعض الروايات النهي عن ضرب القرآن بعضه ببعض، ففي الدرّ المنثور أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله سمع قوماً يتدارؤون فقال: "إنّما هلك من كان قبلكم بهذا، ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، إنّما نزل كتاب الله يصدّق بعضه بعضاً، فلا تكذّبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم فكلوه إلى عالمه". وفي الكافي وتفسير العياشي عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال: ما ضرب رجل القرآن بعضه ببعض إلاّ كفر. ربما توهّم أنّ هذه الروايات ناهية عن تفسير القرآن بالقرآن، وهو خطأ، فإنّ الظاهر من قولـه: "إنّما نزل كتاب الله يصدّق بعضه بعضاً، فلا تكذّبوا بعضه ببعض" إلى آخره، دليل على أنّ المقصود بضرب القرآن بعضه ببعض هو أن يزعم أنّ في الآيات الكريمة تدافعاً وتكاذباً.ومنشأ هذا الزعم الفاسد هو أن ينظر في القرآن نظرة سطحية من غير تفكّر وتدبّر يليق به يقول سبحانه: ?أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا?(2). ويشهد بذلك ما رواه الصدوق في كتاب التوحيد أنّ رجلاً أتى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إنّي قد شككت في كتاب الله المنزل قال لـه عليه السلام: ثكلتك أُمّك، وكيف شككت في كتاب الله المنزل ؟ قال: لأنّي وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضاً، فكيف لا أشكّ فيه ؟ فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: إنّ كتاب الله يصدق بعضه بعضاً ولا يكذب بعضه ________________________________ 1ـ انظر في ذلك: الميزان 3: 79- 80 و12: 140- 145. 2ـ سورة النساء: 82.