ـ(132)ـ المتكلّمون فقد دعاهم الأقوال المذهبية على اختلافها أن يسيروا في التفسير على ما يوافق مذاهبهم بأخذ ما وافق وتأويل ما خالف على حسب ما يجوّزه قول المذهب. واختيار المذاهب الخاصّة واختيار المسالك والآراء المخصوصة، وإن كان معلولاً لاختلاف الأنظار العلمية أو لشيء آخر كالتقاليد والعصبيات القومية- وليس ها هنا محلّ الاشتغال بذلك- إلاّ أنّ هذا الطريق من البحث أحرى به أن يسمّى تطبيقاً لا تفسيراً. ففرق بين أن يقول الباحث عن معنى آية من الآيات: ماذا يقول القرآن، أو يقول: ماذا يجب أن تُحمل عليه الآية ؟ فإنّ القول الأوّل يوجب أن ينسى كلّ أمر نظري عند البحث، وأن يتكئ على ما ليس بنظري، والثاني يوجب وضع النظريات في المسألة وتسليمها وبناء البحث عليها ومن المعلوم أنّ هذا النحو من البحث في الكلام ليس بحثاً عن معناه في نفسه"(1). القاعدة السابعة عشرة: التورع عن التفسير بالرأي: روى المحدّثون عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه حذّر من التفسير بالرأي، وأنّ من فسّر القرآن أو تكلّم فيه برأيه فليتبوّأ مقعده من النار. ففي سنن الترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنّه قال: "من قال في القرآن برأيه فليتبوّا مقعده من النار". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن(2). وروى هو وأبو داود عن جندب أنّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ"(3). وروي هذا المعنى عن أئمة أهل البيت عليهم السلام؛ ففي تفسير العياشي عن أبي بصير عن ________________________________ 1ـ الميزان، الجزء 1، المقدّمة. 2ـ سنن الترمذي 2: 157 أبواب التفسير. 3ـ المصدر نفسه، أخذنا الحديثين من: التفسير والمفسّرون للذهبي 1: 258، وراجع أيضاً البرهان للزركشي 2: 168.