ـ(126)ـ الاعتقاد والعمل، فتنطبق على العصمة الإلهية التي هي صورة علمية نفسانية تحفظ الإنسان من باطل الاعتقاد وسيّئ العمل، ويكون المراد بالتطهير في قولـه ?وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?- وقد أُكّد بالمصدر- إزالة أثر الرجس بإيراد ما يقابله بعد إذهاب أصله. ومن المعلوم أنّ ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد الحقّ، فتطهيرهم هو تجهيزهم بإدراك الحقّ في الاعتقاد والعمل. فمحصّل معنى الآية: أنّ الله سبحانه تستمرّ إرادته أن يخصّكم بموهبة العصمة بإذهاب الاعتقاد الباطل وأثر العمل السيّئ عنكم أهل البيت، وإيراد ما يزيل أثر ذلك عليكم وهي العصمة(1). ثمّ إنّه لم يقطع بعصمة أحد من أهل بيت النبي- حسب الاصطلاح العام الذي يشمل الأزواج والأقرباء جميعاً- سوى علي وفاطمة والأئمة من ذرّيته، فهذا وجه آخر يدلّنا على المقصود بأهل البيت في الآية(2). الإجابة عن إشكال: ربما يقال: إن اختصاص الآية بما ذكر من أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله، وخروج أزواجه عنها ينافي السياق، إذا الآية واقعة في سياق خطابين. والجواب: إنّ الشأن كلّه في اتّصال الآية بما قبلها من الآيات، فما تقدّم من الأحاديث على كثرتها البالغة، ناصّة في نزول الآية وحدها، فالآية لم تكن بحسب النزول جزءاً من آيات نساء النبي ولا متصلة بها، وإنّما وضعت بينها إمّا بأمر من النبي صلى الله عليه وآله، أو عند التأليف بعد الرحلة. ويؤيّده أنّ آية ?... وَقَرْنَ في بُيوِتكُنَّ...?على انسجامها واتصالها، ولو فرض ارتفاع آية التطهير من بين جملتها، فموقع آية التطهير كموقع آية ?... اليَوْمَ يَئِسَ الذينَ ________________________________ 1ـ لاحظ الميزان 16: 309- 313. 2ـ لاحظ مجمع البيان 7- 8: 357، والتبيان 8: 340.