ـ(125)ـ طريق التكاليف الدينية، كما يدلّ عليه قولـه تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ?(1)، لأنّه- كما هو واضح- يعمّ المكلّفين المسلمين ولا يختصّ بأهل البيت، مع أنّ الآية بظاهرها تدلّ على أنّ هذه إرادة خاصة بأهل البيت، وذلك بقرينة "إنّما" الدالّة على القصر، أعني قصر الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير، وقصر إذهاب الرجس والتطهير في أهل البيت. أضف إلى ذلك أنّ الظاهر من السياق أنّ الآية تهدف إلى مدح أهل البيت وتعظيمهم، وهذا رهن كون المعنى بالإرادة، إرادةً خاصة، لا مطلق الإرادة التي لا تستتبع التطهير وإذهاب الرجس التي تشمل عامة المكلفين. فاتّضح بذلك أنّ المستفاد من ظاهر الآية أنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يذهب عن أهل البيت- بما هم أهل البيت- الرجس ويطهّرهم عنه، إرادةً تستتبع المراد على وجه القطع والبتّ. ثمّ إنّ الرجس صفة من الرجاسة وهي القذارة، والقذارة هيئة في الشيء توجب التجنّب والتنفّر منها، وقد تكون بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير؛ قال تعالى: ?قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ?(2)، وقد تكون بحسب باطنه- وهو الرجاسة والقذارة المعنوية- كالشرك والكفر وأثر العمل السيئ، قال تعالى: ?وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ?(3). وأيّاً كان فهو إدراك نفساني وأثر شعوري من تعلّق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيّئ. وإذهاب الرجس- واللام للجنس- إزالة كلّ هيئة خبيثة في النفس مضادّة لحقّ ________________________________ 1ـ سورة المائدة: 6. 2ـ سورة الأنعام: 145. 3ـ سورة التوبة: 125.