ـ(127)ـ كَفَرُوا...?(1) من آية محرّمات الأكل من صورة المائدة. أضف إلى ذلك أنّ هذا ممّا جرت عليه عادة الفصحاء في كلامهم، فإنّهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه، كما يجده مَن راجع المنثور والمنظوم من كلامهم، وفي القرآن شيء كثير منه؛ فعلى سبيل المثال راجع سورة الأعراف تَر أنّه تعالى في ضمن حكاية قصة موسى عليه السلام مع فرعون وقومه يقطع القصة ويسوق الكلام إلى غيرها، ثمّ يرجع إلى حكايتها ثانية وثالثة. ففي الآية(146) صرف الكلام إلى غير القصة وقال: ?سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ?(2) ثمّ رجع إلى القصة وقال: ?وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ?(3) ثمّ صرف الكلام عن القصة وساق الكلام نحو رسالة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ثمّ عاد إلى القصة وقال ?وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ?(4). إلى غير ذلك من النماذج على ذلك، والتي يعرفها كلّ من لـه إلمام بالكتاب المجيد. 2ـ حديث الثقلين: روى المحدّثون من الفريقين السنّة والشيعة أنّ النبي صلى الله عليه وآله قال: "تركت فيكم الثقلين، ما إن تمسّكم بهما لن تضلوا بعدي أبداً؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يَرِدا عَلَيَّ الحوض، فأنظروا كيف تخلفوني فيهما". رواه صاحب العبقات(5) عن جماعة تقريب من المائتين من أكابر علماء المذاهب من القرن الثاني إلى القرن الثالث عشر الهجري، وعن الصحابة والصحابيات أكثر من ثلاثين رجلاً وامرأة رَووا هذا الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وآله. ________________________________ 1ـ سورة المائدة: 3. 2ـ سورة الأعراف: 146. 3ـ سورة الأعراف: 148. 4ـ سورة الأعراف: 160. 5ـ وهو العلامة السيد مير حامد حسين الهندي، مؤلف كتاب عبقات الأنوار، انظر المجلدين الأوّل والثاني منه.