ـ(119)ـ رجال). وواضح من قولـه هذا أنّه يجعل المقطوع ضعيفاً لا يحتجّ به"(1). وقال ابن تيمية: "قال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين ليست حجّة. فكيف تكون حجّة في التفسير، يعني أنّها لا تكون حجّة على غيرهم ممّن خالفهم. وهذا صحيح. أمّا إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجّة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجّة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن، أو السنّة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك"(2). تعقيب وتحقيق: التفسير- كما تقدّم- هو إيضاح مراد الله تعالى من كتابه العزيز، فلا يجوز الاعتماد فيه على الظنون والاستحسانات، ولا على شيء لم يثبت أنّه حجّة من طريق العقل، أو من طريق الشرع، للنهي عن أتباع الظنّ، وحرمة إسناد شيء إلى الله بغير إذنه. قال الله تعالى: ?قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ?(3). وقال الله تعالى: ?وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً?(4). إلى غير ذلك من الآيات والروايات الناهية عن العمل بغير العلم. ومن هذا يتّضح أنّه لا يجوز اتباع أحد من المفسرين في تفسيره، سواء أكان حسن المذهب أم لم يكن، لأنّه من اتباع الظن، وهو لا يغني عن الحقّ شيئاً، بل الواجب على المفسّر أن يتبع الظواهر التي يفهمها العربي الصحيح، أو يتبع ما حكم به العقل الفطري السليم فإنّه حجّة من الداخل كما أنّ النبي صلى الله عليه وآله حجّة من الخارج، أو يتبع ________________________________ 1ـ علوم الحديث ومصطلحة: 220. 2ـ التفسير والمفسّرون 1: 129. 3ـ سورة يونس 59. 4ـ سورة الإسراء 36.