ـ(118)ـ ويقول الدكتور صبحي الصالح: "إنّ إطلاق بعضهم أنّ الصحابة لـه حكم المرفوع إطلاق غير جيّد، لأنّ الصحابة اجتهدوا في تفسير القرآن، واختلفوا في بعض المسائل والفروع، كما رأينا بعضهم يروي الإسرائيليات عن أهل الكتاب"(1). هذا كلّه في أقوال الصحابة، وأمّا التابعين فقال الزركشي: "وفي الرجوع إلى قول التابعي روايتان عن أحمد، واختار ابن عقيل(2) المنع، وحكوه عن شعبة، ولكن عمل المفسّرين على خلافه"(3)، وقال في موضع آخر: "واعلم أنّ القرآن قسمان: أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمّن يعتبر تفسيره، وقسم لم يرد. والأوّل ثلاثة أنواع: إمّا أن يرد التفسير عن النبي صلى الله عليه وآله أو عن الصحابة، أو عن رؤوس التابعين. فالأوّل يبحث فيه عن صحّة السند، والثاني ينظر في تفسير الصحابي، فإن فسّره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شكّ في اعتمادهم، وإن فسّره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شكّ فيه، وأمّا الثالث وهم رؤوس التابعين إذا لم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وآله ولا إلى أحدٍ من الصحابة فحيث جاز التقليد فيما سبق، فكذا هنا، وإلاّ وجب الاجتهاد"(4). وما روي عن التابعين يصطلح عليه بالحديث المقطوع، يقول الدكتور صبحي الصالح: "أمّا الحديث المقطوع فهو ما روي عن التابعين من قول أو فعل أو تقرير، وللإمام أبي حنيفة رأي مشهور فيه، فهو- على رغم إدراكه عدداً من الصحابة كأنس بن مالك وعبد الله بن عباس- يقول قولاً صريحاً:(ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وآله فعلى العين والرأس، وما جاء عن الصحابي تخيّرنا منه، وأمّا ما جاء عن التابعين فهم رجال، ونحن ________________________________ 1ـ علوم الحديث ومصطلحة: 220، مطبعة جامعة دمشق. 2ـ هو عبدالله بن محمد بن عقيل، ذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة من أهل المدينة. 3ـ البرهان 2: 158. 4ـ المصدر نفسه: 172.