ـ(117)ـ للرأي فيه، فأمّا سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فمعدودة في الموقوفات"(1). ثمّ إنّ المرفوع حجّة إذا لم يكن ضعف في إسناده ، وأمّا الموقوف ففيه قولان: 1ـ إنّ الموقوف أيضاً إذا كان نقي السند يجب الأخذ به، لظنّ سماعهم لـه من رسول الله صلى الله عليه وآله ولأنّهم إن فسّروا برأيهم، فرأيهم أصوب، لأنّهم أدرى الناس بكتاب الله، إذ هم أهل اللسان، ولبركة الصحبة والتخلّق بأخلاق النبوّة ولما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصّوا بها، وهذا مختار ابن كثير في مقدّمة تفسيره، ومال إليه الذهبي(2). 2ـ إنّ الموقوف على الصحابي من التفسير لا يجب الأخذ به لأنّه لمّا لم يرفعه، علم أنّه اجتهد فيه، والمجتهد يخطئ ويصيب، والصحابة في اجتهادهم كسائر المجتهدين(3). يقول رشيد رضا في مقدّمة(تفسير المنار)- بعد نقل كلام ابن تيمية في أنّ ما نقل عن الصحابة نقلاً صحيحاً فالنفس إليه أسكن ممّا ينقل عن التابعين، لأنّ احتمال سماعه من النبي صلى الله عليه وآله أقوى من احتمال سماعه من بعض أهل الكتاب- هذا ينقض قول من أطلق الحكم بأنّ ما قاله الصحابي الثقة ممّا لا يعرف بالاستدلال بل بالنقل، لـه حكم المرفوع، وقد علم أن بعض علماء الصحابة رووا عن أهل الكتاب حتّى عن كعب الأحبار الذي روى البخاري عن معاوية أنّه قال: "إن كنّا لنبلو عليه الكذب" ومنهم أبو هريرة وابن عباس فالحقّ أنّ كلّ ما لا يعلم بالنقل عن المعصوم من أخبار الغيب الماضي أو المستقبل وأمثاله لا يقبل في إثباته إلاّ الحديث الصحيح المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وآله، وهذه قاعدة الإمام ابن جرير التي يصرّح بها كثيراً(4). ________________________________ 1ـ التفسير والمفسّرون 1: 94، الدكتور محمد حسين الذهبي. 2ـ المصدر نفسه: 96. 3ـ المصدر نفسه: 95. 4ـ تفسير القرآن الحكيم، 1: 9- 10، دار المعرفة، بيروت.