ـ(112)ـ يناسبها. وهذا المعنى هو المسمّى بجري القرآن(1). وقد أخذ لفظ الجري ممّا روي عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، كما روي عن الإمام محمد الباقر عليه السلام قال: "ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ثمّ مات أولئك القوم ماتت الآية لما بقي من القرآن شيء، ولكنّ القرآن يجري أوّله على آخره مادامت السماوات والأرض ولكلّ قومٍ آية يتلونها هم منها في خير أو شرّ"(2). وعن الفضيل بن يسار قال: "سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الرواية وما في القرآن آية إلاّ ولها ظهر وبطن، وما فيه حرف إلاّ وله حدّ ولكلّ حدّ مطلع، ما يعني بقوله لها ظهر وبطن ؟ قال: ظهره تنزيله وبطنه تأويله، منه ما مضى ومنه ما لمن يكن بعد يجري كما يجري الشمس والقمر"(3). وقوله عليه السلام منه ما مضى ومنه ما يأتي، ظاهره رجوع الضمير إلى القرآن باعتبار اشتماله على التنزيل والتأويل، فقوله: "يجري كما يجري الشمس والقمر" يجري فيهما معاً، فينطبق في التنزيل على الجري الذي اصطلح عليه الأخبار في انطباق الكلام بمعناه على المصداق كانطباق قولـه: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ?(4)، على كلّ طائفة من المؤمنين الموجودين في الأعصار المتأخّرة عن زمان نزول الآية، وهذا نوع من الانطباق. وكانطباق آيات الجهاد على جهاد النفس، وانطباق آيات المنافقين على المنافقين من المؤمنين، وهذا نوع آخر من الانطباق أدقّ من الأوّل. وكانطباق آيات المذنبين على أهل المراقبة والذكر والحضور في تقصيرهم ________________________________ 1ـ لاحظ المصدر نفسه 3: 67. 2ـ رواه العياشي في تفسيره، لاحظ الميزان، المصدر السابق. 3ـ تفسير العياشي 1: 11، المكتبة العلمية، طهران. 4ـ سورة التوبة: 119.