ـ(111)ـ بالتغيّر والتبدّل بحسب تبدّل الحوائج في طريق التحوّل والتكامل، كما أنّ السراج أوّل ما عمله الإنسان كان إناءً فيه فتيلة وشيء من الدهن تشتعل به الفتيلة للاستضاءة به في الظلمة، ثمّ لم يزل يتكامل حتّى بلغ اليوم إلى السراج الكهربائي وكذا الميزان المعمول أوّلاً والميزان المعمول اليوم لتوزين ثقل الحرارة مثلاً، والسلاح المتّ‍خذ سلاحاً قديماً والسلاح المعمول اليوم، والى غير ذلك. فالمسميات بلغت من التغير إلى حيث فقدت جميع أجزائها السابقة ذاتاً وصفةً، والاسم مع ذلك باق، لأنّ المراد من تسمية الشيء إنّما هي غايته لا شكله وصورته؛ فما دام غرض التوزين أو الاستضاءة أو الدفاع باقياً كان اسم الميزان والسراج والسلاح وغيرها باقياً على حاله، فالمدار في صدق الاسم اشتمال المصداق على الغاية والغرض لا جمود اللفظ على صورة واحدة، فذلك ممّا لا مطمح فيه البتة، ولكنّ العادة والأُنس منعانا ذلك. وهذا هو الذي دعا المقلّدة من أصحاب الحديث من الحشوية والمجسّمة ومن حذا حذوهم لأنّ يجمدوا على ظواهر الآيات في التفسير، وليس هو في الحقيقة جموداً على الظواهر بل على العادة والأُنس في تشخيص المصاديق(1). القاعدة الثانية عشرة: الجري والانطباق في آيات القرآن: مغزى هذه القاعدة يرجع إلى ما ذكرناه في ذيل القاعدة السابعة، وهو أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فأحكام القرآن تجري في الغائب كما تجري في الحاضر، وتنطبق على الماضي والمستقبل كما تنطبق على الحال، فللقرآن اتّساع من حديث انطباقه على المصاديق وبيان حالها، فالآية منه لا تختصّ بمورد النزول بل تجري في كلّ مورد يتّحد مع مورد النزول ملاكاً كالأمثال التي لا تختصّ بمواردها الأول، بل تتعدّاها إلى ما ________________________________ 1ـ راجع الميزان 1: 9- 10.