ـ(109)ـ القاعدة العاشرة: للقرآن ظهر وبطن: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة الطاهرين عليهم السلام أنّ للقرآن ظاهراً وباطناً(1). وعلى هذا فيجب على المفسّر رعاية هذين الجانبين فلا يتوقّف دون الباطن، ولا يهمل الظاهر ويغفل عنه؛ فإنّ الأوّل يخالف الآيات الحاثّة على التدبّر والتعمّق في الكلام الإلهي، والثاني ينافي القاعدة المتقدّمة وهي أنّ البيانات القرآنية جارية على قوانين المحاورة عند البشر، ولا شكّ أنّ المعنى المستفاد من كلام المتكلّم مقصود لـه ما لم تقم قرينة على خلافه، وأيضاً الظاهر طريق إلى الباطن؛ فالوصول إلى الباطن من غير التحفّظ على الظاهر محال، حكى السيوطي عن بعض العلماء أنّه قال: "لا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر بل لابدّ منه أوّلاً، إذ لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر، ومن ادّعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن ادّعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب"(2). قال العلاّمة الطباطبائي: "إنّ القول بأنّ تحت ظواهر الشريعة حقائق هي باطنها حقّ، والقول بأنّ للإنسان طريقاً إلى نيلها حقّ، ولكنّ الطريق إنّما هو استعمال الظواهر الدينية على ما ينبغي من الاستعمال لا غير، وحاشا أن يكون هناك باطن لا يهدي إليه الظاهر، والظاهر عنوان الباطن وطريقه، وحاشا أن يكون هناك باطن حقّ ولا يوافقه ظاهره"(3). والسرّ في ذلك أنّ النسبة بين الظاهر والباطن نسبة طولية لا عرضية فلا تدافع بينهما، وهذا مثل نسبة الفعل الواحد إلى سببه المباشر وسببه المتوسط والبعيد، كنسبة الكتابة إلى القلم، واليد، والكاتب، وقد ذكر الطباطبائي لـه مثالاً ممّا نحن فيه وهو قولـه ________________________________ 1ـ اُنظر: الإتقان 4: 224- 226، البرهان 2: 169، بحار الأنوار 92: 78، الباب 8. 2ـ الإتقان 4: 226. 3ـ الميزان 5: 282.