ـ(108)ـ في خطورة الموقف في الأخذ بالأحاديث المتعلّقة بالقرآن، سواء في مجال أسباب النزول أو قصص الأنبياء والأُمم أو غير ذلك، يقول الدكتور صبحي الصالح: "التفسير بالمأثور معرّض غالباً للنقد الشديد، لأنّ الصحيح من الروايات قد اختلط بغير الصحيح، ولزنادقة اليهود والفرس نشاط لا يجهله أحد في الدسّ على الإسلام وتشويه تعاليمه، ولأصحاب المذاهب ولوع غريب بجمع معاني القرآن وتنزيلها وفق هواهم، فكان على المفسّر بالمأثور أن يدقّق في تعبيره، ويحترس في روايته، ويحتاط كثيراً في ذكر الأسانيد"(1). القاعدة التاسعة: أساليب المحاورة وقوانينها العامّة: إنّ هناك أساليب وقواعد عامة تبتنى عليها المحاورات البشرية ولا تختصّ بلسانٍ دون لسان، وذلك كالمنطوق والمفهوم، والعموم والخصوص، والمجمل والمبيّن، والمطلق والمقيّد، إلى غير ذلك من المصطلحات التي تتعلّق بأساليب المحاورات الدارجة بين أبناء النوع الإنساني، وإذ كانت البيانات القرآنية مفرغة في هذه القوالب الكلامية، فمن الواجب على المفسّر يعتني بها ويراعيها، فلا يأخذ بالعامّ والمطلق قبل الفحص عن الخاص والمقيّد، وأن يقدم الظاهر على النصّ، ويفسّر المتشابه من دون الرجوع إلى المحكم، ولا أن يهمل أمر الناسخ والمنسوخ، والمنطوق والمفهوم، والمجمل والمبين، وغير ذلك من القواعد العقلائية السائدة في المحاورات، والعلم الكافل بالبحث عن هذه المصطلحات والقواعد هو علم أُصول الفقه، ومن هنا عدّوا علم أُصول الفقه من العلوم التي تجب معرفتها على المفسّر. ________________________________ 1ـ مباحث في علوم القرآن 291، انتشارات الشريف الرضي.