ـ(107)ـ مورد النزول مع وجود عين تلك الصفات في قومٍ بعدهم وهكذا"(1)، وسنرجع إلى هذه القاعدة عند البحث عن قاعدة الجري والانطباق. القاعدة الثامنة: المعرفة بالأحاديث الواردة في التفسير: لا ريب أنّ النبي صلى الله عليه وآله كان أعلم الناس بمعاني الآيات النازلة عليه، وقد قام بتبيين مفاهيم الآيات ومقاصدها للناس، إذ كان هذا من أهداف بعثته ومقاصد رسالته، يقول سبحانه: ?بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ?(2)، وهناك مجموعة من تلكم الأحاديث رواها المحدّثون والمفسّرون، كما روى البخاري في كتابه في التفسير أربعمائة وأربعة وأربعين حديثاً وهي بين المرفوع والموقوف(3). وقد ذكر السيوطي أنّ ما حصل عليه من الروايات المصرّح برفعها إلى النبي أعمّ من صحيحها وضعيفها في آخر الإتقان، وقال: "وإذ قد انتهى بنا القول فيما أردناه من هذا الكتاب فلنختمه بما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله من التفاسير المصرّح برفعها إليه، غير ما ورد من أسباب النزول، لتستفاد فإنّها من المهمّات". وقال بعد الانتهاء من نقلها: "فهذا ما حضرني من التفاسير المرفوعة المصرّح برفعها، صحيحها وحسنها، ضعيفها ومرسلها ومعضلها، ولم أعوّل على الموضوعات والأباطيل"، وما ذكره من الأحاديث يقرب من مائتين وستين حديثاً(4). وإذ كانت الأحاديث بين صحيح وضعيف، فلا يجوز الأخذ بها في تفسير الكلام الإلهي إلاّ بعد الفحص عن إسنادها والتدبّر في متنها، وهذا يتوقّف على الرجوع إلى كتب الرجال من جانب، والوقوف على مسلّمات الشريعة والدين، وقطعيات العقل ومحكمات الكتاب المجيد من جانبٍ آخر، وقد عرفت من البحث عن أسباب النزول أقوال المحقّقين ________________________________ 1ـ الميزان 1: 42. 2ـ سورة النحل: 44. 3ـ لاحظ صحيح البخاري كتاب التفسير 3: 97- 223، طبعة دار المعرفة، بيروت. 4ـ الإتقان 4: 244- 298.