ـ(103)ـ بعلم البديع(1). القاعدة السابعة: أسباب النزول: إنّ الحوادث والأحداث التي وقعت أيّام الدعوة، وكذلك الحاجات الضرورية من الأحكام والقوانين الإسلاميّة هي التي تسبّبت في نزول كثير من السور والآيات، ومعرفة هذه الأسباب يساعد إلى حدٍّ كبير في معرفة الآيات القرآنية وما فيها من المعاني والأسرار، وقد اعتنى بذلك المفسّرون في كتبهم وأفردوا فيه تصانيف، ومن أشهرها "أسباب النزول" للواحدي، قال في مقدّمة كتابه: "هي(أسباب النزول) أدعى ما يجب الوقوف عليها، وأولى ما تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصّتها وبيان نزولها"(2). وإليك بعض الشواهد: 1ـ كان عروة بن الزبير قد فهم من قولـه تعالى ?...فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا...?(3) أنّ السعي ليس بركن، فردّت عليه عائشة ذلك بأنّه إنّما أتى بهذه الصيغة لأنّه كان وقع فزع في قلوب طائفة من الناس كانوا يطوفون قبل ذلك بين الصفا والمروة للأصنام، فلمّا جاء الإسلام كرهوا الفعل الذي كانوا يشركون به، فرفع الله ذلك الجناح من قلوبهم وأمرهم بالطواف، فثبت أنّها نزلت ردّاً على من كان يمتنع من السعي(4). 2ـ قد توهّم مروان بن الحكم أن قولـه تعالى: ?لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ?(5) وعيد للمؤمنين، فقال لبوّابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل: لئن كان كلّ امرئ فرج بما اُوتي وأحبَّ أن ________________________________ 1ـ البرهان في علوم القرآن 2: 173- 174. 2ـ أسباب النزول: 4، انتشارات الشريف الرضي. 3ـ سورة البقرة: 158. 4ـ البرهان 2: 212، والقصّة رواها البخاري في صحيحه، وكتاب التفسير 3: 101، ولاحظ مجمع البيان 1- 2: 240. 5ـ سورة آل عمران: 188.