من مناهج الشرع، ولم تنضبط قط شريعة من الشرائع إلاّ باقتران الاجتهاد بها، لأن من ضرورة الانتشار في العالم الحكم بأن الاجتهاد معتبر، وقد رأينا الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كيف اجتهدوا، وكم قاسوا خصوصاً في مسائل المواريث من توريث الإخوة مع الجد، وكيفية توريث الكلالة(من لا والد له ولا ولد) وذلك مما لا يخفى على المتدبر لأحوالهم»(1). والواقع أن امتناع إبليس عن السجود لآدم مبني على ما تخيله من علة للحكم، وهو ليس بعلة، فإن تخيل أن الأمر بالسجود يقتضي أن يبتنى على أساس التفاضل العنصري، وهو يعتقد بأنه أفضل في عنصره من آدم لكونه مخلوقاً من نار، وآدم مخلوق من طين. ويظل الفرق بين أهل السنة والشيعة قائماً بالنسبة للقياس المظنون الذي يعتمد في استنباط علته على مسالك ظنية كالمناسبة والسبر والتقسيم، واطراد العلة، وسلامة العلة عن النقيض، وكل ذلك لا دليل في تقدير الإمامية على حجيته، لأنه مجرد ظن، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً. والذي يبدو لي أن منزلة العقل من الأدلة عند الشيعة كمنزلة القياس منها عند أهل السنة، ولكن المقصود من الدليل العقلي عند الشيعة بمذهبيها الإمامي والزيدي غير واضح تماماً وبعضهم فسر دليل العقل بالبراءة أو بالاستصحاب أو بدليل الخطاب أي مفهوم المخالفة(2) وحسم العلامة المظفر في كتابه «أصول الفقه» الخلاف في دليل العقل حينما قال: وكيفما كان، فالذي يصلح أن يكون مراداً من الدليل العقلي المقابل للكتاب والسنة هو: «كلّ حكم للعقل يوجب القطع بالحكم الشرعي». لكن الفرق بين السنة والشيعة أن حكم العقل دليل مستقل عن الكتاب والسنة