ومصدر ثالث عند الإمامية وأول عند الزيدية، وليس دليلا مستقلا عند فقهاء السنة. ومرد الخلاف في حجية القياس بنحو واضح هو مسألة تعليل النصوص(1)، فنفاة القياس يلتزمون التمسك بظاهر النصوص ويقصرون بيان النصوص على العبارة وحدها ولا يتجاوزونها إلى غيرها، ومثبتو القياس يأخذون بمبدأ تعليل النصوص ووسعوا معنى دلالاتها، فقالوا: إنّ الدلالة على الأحكام تكون بألفاظ النصوص، وبالدلائل العامة التي تبينها مقاصد الشريعة في جملة نصوصها وعامة أحوالها. فنص آية ?.. إنّما الخمر..?(2) يدل على تحريم الخمر بالعبارة، وفيه دلائل تشير إلى أن كلّ ما فيه ضرر غالب يكون حراماً، بدليل آية: ?.. قل فيهما إثم كبير...?(3). وحينئذ يكون القياس في الحقيقة إعمالا للنص وليس خروجاً عن النص، كما يذكر منكرو القياس. فالخلاف راجع إذن إلى مسألة تعليل النصوص، فالمثبتون قرروا أن الأحكام الشرعية معللة معقولة المعنى، والعلة باعثة على نقل الحكم من الأصل إلى الفرع. ونفاة القياس قرروا أن النصوص غير معللة تعليلا من شأنه تعدية الحكم إلى ما وراء النص(4). والمنهج العام في القرآن الكريم والسنة النبوية يدل على استعمال القياس(5)، فمن الآيات القرآنية: قولـه تعالى: ?ولقد جاء آل فرعون النذر. كذبوا بآياتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر. أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر?(6) والزبر: الكتب التي