قائم على أتم صوره، لتدارك ما يعجز العقل عن الولوج إليه، وهو أكثر الأحكام، بل كلها مع استثناء القليل(1). وفي تقديري أن الاعتماد على العقل ضروري في فهم أحكام التشريع، ولولا الإدراك العقلي لما امكن الاستنباط، والخلاف بين السنة والشيعة محصور في فترة ما قبل البعثة، وأما بعدها فهم متفقون مع غيرهم على أن مصدر جميع التكاليف الشرعية إنّما هو الشرع، وما لم ينص عليه الشرع فهو على الإباحة في رأي الشيعة وغيرهم(2)، ولا تلازم بين الإدراك العقلي وبين الثواب والعقاب، فهذان يحتاجان إلى تكليف من الشارع، ليتحقق في الفعل أو الترك معنى الطاعة أو العصيان. 3 ـ القياس: القياس هو المصدر الرابع من مصادر التشريع عند أهل السنة، ومعناه عندهم: إلحاق أمر غير منصوص على حكمه (3)، أي أن وجود التشابه أو التماثل في معنى الحكم أو علته بين الأصل والفرع هو سبب القول بمشروعية القياس؛ لأن العقلاء يقررون للأشياء المتماثلة في المعنى حكما واحداً، والمنطق والعدالة يقضيان بذلك، فلا يعقل القول بتحريم الخمر(الشراب المتخذ من عصير العنب) بسبب الإسكار، وعدم تحريم النبيذ(أي شراب مسكر متخذ من غير العنب كالفواكه الأخرى والحبوب). والقياس مظهر للحكم لا مثبت ولا منشئ له، والعلة أساس الحكم، وعمل المجتهد هو إظهار الحكم في الفرع بسبب اتحاد علة الحكم في المقيس والمقيس عليه وطريق