عباس حبر الأمة بعلم التفسير (1)، وهو «أول من املى في تفسير القرآن وينقل عنه جميع المفسرين» (2) وقد اخذ ذلك عن علي (3). كما كانت لأبي بن كعب نسخة كبيرة في التفسير (4)، ويبدو من هذا كله أن حركة التدوين لم تكن معدومة في هذه المرحلة وإنّما ولدت ولادة غضة في هذه المرحلة من عمر التفسير، ثم نمت واتسعت تدريجاً في المرحلة اللاحقة. المرحلة الثالثة ـ مرحلة عصر التابعين وتابعيهم: لما انتهت المرحلة الثانية بانتهاء عصر الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بدأت مرحلة جديدة من مراحل التفسير بالمأثور، وذلك في أواخر عصر الدولة الأموية (41 ـ 132هـ) واوائل عهد الدولة العباسية (132 ـ 656)، وقد حمل لواء التفسير في هذه المرحلة العلماء من التابعين الّذين تتلمذوا على أيدي الصحابة وتلقوا علومهم منهم. كانت مهمة التابعين في التفسير مهمة شاقة ومضنية، وذلك لاتساع رقعة الإسلام شرقاً وغرباً، ودخول الناس في دين الله أفواجاً، فتولدت أثر ذلك الحاجة الماسة إلى تفسير الشيء الكثير من القرآن الكريم أكثر من قبل، وذلك لبعدهم الزمني عن عهد الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ، واختلاطهم بالأعاجم الّذين أسلموا ولا يعرفون عن لغة القرآن شيئاً، مع ظهور حركة التدوين وما رافقها من عناء جمع الروايات المأثورة في التفسير عن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ والصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتي تفرقت في صدور الحفاظ والصحائف القليلة التي وصلت إليهم، ونتيجة لهذه العوامل فقد تصدت طائفة من اعلام التابعين