منه الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ وذلك بقوله: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار»(1). لذلك كان تمسكهم بالرواية عن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ في التفسير من غير الاعتماد على الإفتاء بالرأي، مع وجود أحاديث كثيرة تعد للمبلغ أجراً عظيماً. «ولعل الروعة الدينية لهذا العهد والمستوى العقلي لأهله وتجدد حاجات حياتهم العملية ثم شعورهم مع هذا بأن التفسير شهادة على الله بأنه عنى باللفظ هذا كلّ أولئك جعلهم لا يقولون في تفسير القرآن إلاّ التوقيفي الذي نقل إليهم»(2). ومن الجدير بالإشارة هو أن الاعتماد على التفسير التوقيفي والتحرج من التفسير بالرأي لم يكن محل وفاق بين العلماء وذلك للاختلاف الدقيق بين التفسير بالرأي والاستنباط والتفسير الخاضع للاجتهاد والاستنباط، وذلك باعتبار الأول خاضعاً للاستحسان والترجيح الظني وهو المنهي عنه، أما الثاني وهو الاستنباط والاجتهاد فإنه يستند على مؤهلات كثيرة منها المعرفة اللغوية والمعاصرة لصاحب الرسالة ـ صلى الله عليه وآله ـ، ومعرفة أسباب النزول، والاطلاع على قرائن الأحوال وغيرها من الأمور الأخرى التي تجعله مستنداً على أساس من الكتاب والسنة النبوية، وبهذا لا يخرج المفسر عن حدود العلم ويكون غير مشمول بقول الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ: «من فسر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ»(3)، وإنّما يعد مثل هذا التفسير من المأثور على وجه من الوجوه. ثانياً ـ تفاوت الصحابة في المعرفة: المعروف عن الصحابة أنهم ما كانوا سواء في المعرفة بجميع ما في كتاب الله عزّوجلّ، لما فيه من الغريب والمتشابه، ولبعضهم الفضل على بعض (4)، زد على هذا ما قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ : «وليس كلّ أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يسأله