العرب، حتّى سألا، عن أكثر من مائة وثمانين مسألة من القرآن الكريم ففسر لهما ذلك بما يماثل هذا العدد من أشعار العرب(1). أما ابن مسعود فقد عرف عنه اعتماده الرأي والاجتهاد، ويعد مؤسس مدرسة التفسير بالرأي في الكوفة(2)، وقد كان رحمه الله تعالى عالماً محيطاً بعلوم القرآن، فقد ورد عنه قوله: «والذي لا اله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلاّ وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته»(3). ومن أسباب لجوء الصحابة إلى الاجتهاد والاستنباط كمصدر تفسيري متمم للمصدرين السابقين هو ما افرزته دعوة المسلمين إلى نشر الإسلام خارج حدود جزيرة العرب من اختلاط المسلمين بغيرهم من الأعاجم، فادى ذلك إلى فساد الألسن، ونظراً لكثرة الداخلين في الإسلام في عهد الخلافة الراشدية وحاجة هؤلاء إلى معرفة معاني القرآن الكريم ظهرت الحاجة إلى تفسير ما لم يكن مفسراً مما أدى إلى اعتماد الاجتهاد والاستنباط كمصدر من مصادر التفسير في تلك المرحلة إذ لم يكن من بديل عنه. علما أن هذا المصدر التفسيري وهو (الاجتهاد والاستنباط) لم يلق القبول الحسن لدى الكثير من الصحابة، حيث تحرج بعضهم تحرجاً شديداً من التفسير بالرأي، فقد روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنّه قال:«قال رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ: من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار»(4) وعن عبيد الله بن عمر بن جعفر (ت: بعد المائة من الهجرة) قال: «لقد أدركت فقهاء المدينة وأنهم ليعظمون القول في التفسير منهم سالم بن عبدالله والقاسم بن محمّد وسعيد بن المسيب» (5). وكان سبب تحرجهم الخوف من الوقوع في الخطأ الذي حذر