أولاً ـ مصادر الصحابة في المعرفة: كانت مصادر الصحابة في هذه المرحلة، هي القرآن الكريم لأن ما أجمل في مكان منه فقد بسط في مكان آخر (1)، مضافاً إلى اعتمادهم على رواية ما حفظوه عن الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ، حيث كان الواحد منهم إذا ما اشكلت عليه آية من الكتاب المجيد رجع في تفسيرها إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ حتّى يبين لـه ما استشكل عليه لأن وظيفته ـ صلى الله عليه وآله ـ البيان (2). أما المصدر الآخر لتفسير الصحابة في هذه المرحلة فهو الاستنباط والاجتهاد، وذلك فيما لم يجدوا لـه نصاً من الكتاب العزيز أو السنة المطهرة، وبحكم معاصرة الصحابة النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، ومشاهدتهم التنزيل واطلاعهم على قرائن الأحوال ومعرفتهم بأسباب النزول، فضلاً عن اتقانهم أساليب اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، كلّ هذا أدى إلى ارتقاء تفسيرهم بحيث عد من المأثور على وجه من الوجوه (3)، هذا وقد عرف عن بعض الصحابة أنهم كانوا يعتمدون اجتهادهم إذا لم يجدوا ما يوضح لهم تفسير الآية من المصدرين السابقين (القرآن والسنة). ومن أمثلة هؤلاء الصحابة: عبد الله بن عباس t (ت: 68هـ) وعبدالله بن مسعود t (ت: 32 هـ). أما ابن عباس فقد دعا لـه النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قائلاً: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل»(4)، وقد كان ابن عباس كثيراً ما يعتمد في تفسيره للقرآن الكريم على ما يعرفه من مفردات اللغة العربية، وما يحفظه من شعر العرب، فقد سأله نافع بن الأزرق ونجدة بن عويمر عن أشياء من كتاب الله تعالى على أن يفسرها لهما ويأتيهما بمصادقة من كلام