ومهما يكن من أمر فإن تلك الروايات التفسيرية الواردة عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لم تكن شاملة لتغطية القرآن الكريم كله، فكان ذلك نوعاً من الحكمة العظيمة التي اقتضت أن يتدبر كلّ جيل آيات الله تعالى ويتفكر بها لا سيما مع عدم ورود الأثر الصحيح الكامل عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في تغطيتها، إذ غاية ما وصل إلينا من تفسير النبي هو عدد من الآيات الكريمة قام بجمعها بعض العلعاء كابن قيم الجوزية (ت: 751 هـ) الذي استعرض عدداً من فتاوى امام المتقين ـ عليه السلام ـ المنتزعة من القرآن الكريم (1)، وكما جمع السيوطي (ت: 911 هـ) عدداً من الروايات التفسيرية عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، وذكرها حسب تسلسل السور في المصحف الشريف، ابتداءً من سورة الفاتحة وانتهاءً بسورة الناس، وهي على الرغم من كونها لم تستوعب جميع آيات الكتاب العزيز، فقد وجد فيها المقطوع والموقوف والمرسل (2) مما يفتح المجال أمام أرباب المرحلة الثانية لأخذ دورهم في التفسير. المرحلة الثانية ـ مرحلة عصر الصحابة: بعد انتقال النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى الرفيق الأعلى، انتهت المرحلة الأولى لتفسير القرآن الكريم وبدأت المرحلة الثانية التي حملتها طلائع المفسرين من الصحابة، كان الصحابة في هذه المرحلة قد حفظوا عن الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ ما كانوا يسمعونه منه من تفسير آيات الكتاب المجيد، وما أوضحه لهم من بيان المجمل وتمييز المقيد من المطلق وما ذكره لهم من تفسير بعض آياته ومعاني كلماته. ونبحث في هذه المرحلة ما يلي: