حين نزل قوله تعالى: ?... وكلوا واشربوا حتّى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر...? (1) «قال: قلت يا رسول الله ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أهما الخيطان ؟ فقال ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : هو سواد الليل وبياض النهار»(2)، كما فسر ـ صلى الله عليه وآله ـ الظلم بالشرك في قوله تعالى: ?الّذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون? (3) حيث قال بعض أصحابه عند نزول هذه الآية: «وأينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ فقال ـ صلى الله عليه وآله ـ: أنّه ليس بذلك إلاّ تسمع قول لقمان لابنه:?...إنّ الشرك لظلم عظيم?»(4)(5). وهكذا فقد كان «النظر في القرآن الكريم من حيث كونه كلاماً لـه دلالة ومعنى ولله تعالى فيه هدف وقصد، ومن أجل بيان هذه الدلالة وشرح المعنى وإيضاح القصد عن الهدف نشأ علم التفسير الذي تكفل بتلك الغايات»(6). على أن هذا العلم الذي تكفل رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ببيانه، باعتباره المبين الأول لمعاني كلمات الله تعالى في كتابه المجيد لم يكن معروفاً بذلك العهد باسم التفسير (7)، وإنّما كان التفسير في تلك المرحلة يروى كما تروى الأحاديث النبوية (8)، ولم تكن تلك الروايات التفسيرية التي احتضنها الحديث أول الأمر، قد رتبت وجمعت بصورة منتظمة في عهد الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وآله ـ وذلك لعدم تدوين العلوم في هذا العهد، وبعد ظهور حركة التدوين في مطلع القرن الثاني الهجري جمع التفسير على شكل روايات في مجاميع الحديث وأفردت لـه أبواب خاصة باسم التفسير.