وكان ـ صلى الله عليه وآله ـ يكشف لهم عن أسراره، ويوضح لهم مقاصده واهدافه في حله وترحاله وحربه وسلمه: وقد روي عنه ـ صلى الله عليه وآله ـ أنّه كان يقرأ على أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ القرآن كلّ عشر آيات فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتّى يتعلموا ما فيها، فتعلموا القرآن والعمل جميعاً. ومع القول بصحة هذه الرواية ومقارنة ذلك بواقع التفسير بالمأثور اليوم، فإننا لا نجد تفسيراً شاملاً للقرآن الكريم عن طريق الأثر، ويمكن تعليل ذلك ـ مع حمل الرواية السابقة على الصحة ـ باستشهاد عدد كبير من الحفاظ من الصحابة الّذين سمعوا هذا التفسير من النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ واستشهدوا بعد وفاته في معارك الردة، مع تأخر التدوين إلى القرن الثاني الهجري، مما اثر في وصول مثل هذا التفسير إلينا. ومهما يكن من أمر فإن المسلم به بين جميع العلماء والباحثين هو أن الرسول الكريم كان المعلم الأول والمصدر الأساس في تفسير القرآن الكريم وتوضيح أغراضه ومعانيه بغض النظر عن القدر الذي بينه من التفسير في حياته الشريفة، على أن أكثر ما ورد عن الرسول العظيم ـ صلى الله عليه وآله ـ من التفسير هو فيما يخص الآيات المتعلقة ببيان الأحكام من عبادات ومعاملات وغيرها من الآيات الأخرى التي لا سبيل إلى معرفتها إلاّ عن طريق الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ، ومن هذه الآيات على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: ?وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة...?(1) وقوله: ?ولله على الناس حج البيت...? (2) وقوله: ?.. وآتوا حقه يوم حصاده...? (3) وهكذا الحال في بقية الآيات الأخرى. لقد كانت سيرة الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ العملية ـ كما في تطبيقه لأوامر القرآن الكريم ونواهيه ـ مستفادة من القرآن نفسه، مما يمكن معه جعل ما ينتزعه الصحابة من أحكام استناداً إلى تلك التطبيقات من جملة التفسير بالمأثور المرفوع إلى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ نظراً لما كان يوضحه لهم من معاني الآيات الكريمة، فقد روي عن عدي بن حاتم الطائي (ت 67 هـ) أنّه