وقدرته ورقيه العقلي (1)، فضلاً عن ملازمته للنبي ـ صلى الله عليه وآله ـ باعتباره المصدر الأساس لتوضيح ما يدق عن افهام الصحابة من معاني القرآن الكريم، والمعروف عن الصحابة أنهم كانوا يلجؤون إلى نبيهم الكريم ـ صلى الله عليه وآله ـ فيما يتعلق بأمور الشريعة الجديدة لاسيما في معرفة ما يتلى عليهم من آيات الكتاب المجيد، ولذلك كانوا كلما عسر عليهم معنى من معاني القرآن لجؤوا إليه ـ صلى الله عليه وآله ـ بصفته الوساطة الوحيدة بين الله تعالى والناس، مضافا إلى ما في القرآن الكريم نفسه من المعاني والأسرار مما لا يستطيع أحد أن يفهمها إلاّ بتوقيف من النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ. وبذلك يمكن القول: إنّ الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ كان هو المرجع الأول لبيان ما غمض على الناس من معاني القرآن الكريم، مصداقا لقوله تعالى: ?... وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم...?(2) ولم تكن وظيفة الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ مقتصرة على التبليغ فقط، وإنّما أمره الله تبارك وتعالى مع هذا التبليغ ببيان دلالة كلام الله ومعناه وقصده فيه مما يشكل فهمه على المسلمين كما في قوله تعالى: ?هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين?(3). لقد قام رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بهذه المهمة خير قيام فكان يأمر أصحابه بتدبر آيات الكتاب العزيز ويحثهم على تلاوته وحمله، فقد ورد عنه ـ صلى الله عليه وآله ـ قوله: «حملة القرآن عرفاء أهل الجنة»(4) وجاء عنه أيضاً: «... فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فأنه شافع مشفع وماحل مصدق ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار»(5).