1 ـ مرحلة العصر النبوي. 2 ـ مرحلة عصر الصحابة. 3 ـ مرحلة عصر التابعين وتابعيهم. الأولى ـ مرحلة العصر النبوي: نزل القرآن الكريم بلسان العرب وفي بيئتهم وعلى أساليب بلاغتهم، وقد تميز بأسلوبه وبأعجازه العظيم، فأذعنوا لـه بعد عناد وأدركوا أنّه نظم لا يستطيعون أن يأتوا بمثله، رغم أ، هم قد عرفوا ببلاغتهم وامتازوا بفصاحتهم حتّى كشفوا عن عجزهم عن الآتيان بآية واحدة من مثله، فآمنوا بالقرآن الذي ازاح عنهم ما توارثوه من عادات جاهلية حتّى أصبحوا بفضله أمة ذات معرفة وتاريخ وسمو في عاداتها ومفاهيمها(1). ولما كانت العربية مادة كلامهم وأدبهم، وكان نزول القرآن الكريم بلغتهم، فقد أصبح بمقدور الصحابة في هذه المرحلة أن يفهموا الشيء الكثير من معانيه ومراميه، في حين كان بعض مما جاء فيه منوطاً فهمه بالرسول الكريم ـ صلى الله عليه وآله ـ، على أن فهم الصحابة للقرآن الكريم لم يكن بمستوى واحد بل كانوا يتفاوتون في ذلك، وهذا ما سنذكره في المرحلة الثانية، وقد بالغ ابن خلدون (ت: 808 هـ) عندما قال: «فأعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه»(2). والحقيقة أن نزول القرآن العظيم بلغة العرب لا يقتضي أن يفهمه العرب جميعاً، وذلك لان فهمهم للقرآن لا يتوقف على معرفة اللغة وحدها بل يتطلب درجة عقلية خاصة تتفق مع رقي الكتاب وعظمته، ولهذا فقد كان العرب يفهمون من القرآن كلّ بحسب طاقته