بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم...?(1). ويمكن استخدام العلم لنشر أجنحة الوحدة والتآلف فيما إذا كان حملته أصحاب أفق رحيب ونفوس كريمة، وممن جاهدوا لجعل المسلمين بمنآى عن التفرقة والاختلاف، ودافعوا الشبهات عن الآخرين، وبثوا وهج المحبة ما بين القلوب، واستعاضوا بالإخاء عن الجفاء، ونبهوا بطرق شتى إلى ضرورة وحدة الصف. إنّ البحوث العلمية التي تستطيع أن تقوم بهذه الأدوار الوحدوية كثيرة جداً، وآمل أن يكون هذا البحث سبيلاً من السبل الوافرة للوحدة والتقريب ما بين المذاهب. البحث ينصب حول قاسم من القواسم المشتركة ما بين المسلمين، وهو وجود رواة قد وثقوا من قبل مختلف الأطراف، واعتمدهم علماء الرجال والحديث والفقهاء الأعلام من مختلف المسلمين. دعوة إلى الانفتاح ورفض الجمود: أيها المؤتمرون الكرام: انكم تعلمون أن القواعد العلمية لمختلف صنوف العلم قابلة للمناقشة والأخذ والرد. إذن من الضروري أن لا نأخذها أخذ التسليم لها والعبادة في محاريبها، بل أن نعيد النظر فيها لينتهل منها كلّ ما ينفع ويرفض كلّ ما هو ضار، وليس كلّ ما قاله العلماء والمفكرون والفلاسفة السابقون يجب أن يكون صحيحاً ومطابقاً للإسلام. إنهم بشر أمثالنا يخطئون ويصيبون، فلا ينبغي أن نستلهم منهم إلاّ ما كان صالحاً للاستلهام وجديراً بالفائدة. علينا أن نطرح تلك المعلومات والأفكار التي تدعو إلى الفرقة والاختلاف جانباً.