خامساً: وحدة مكافحة الغلو بالمناقب والفضائل. أيها المؤتمرون الكرام: إنّ التآخي ما بين المسلمين، والتقارب ما بين المذاهب من الممكن جداً أن يتحقق على الصعيد الواقعي، بيد أن مشكلتين كبيرتين تحولان دون ذلك، وهما مشكلة تعصب عدد من كلّ مذهب من المذاهب، ومشكلة الغلو بالفضائل والمناقب. إنّ التقارب أو الوحدة عند الّذين يتباينون بوجهات النظر والفكر ميسر جداً فيما إذا كانوا يسيرون سيرة طبيعية، أو يفكرون تفكيراً طبيعياً، ولكن التعصب من جهة، والغلو من جهة أخرى، لما كانا أمراً غير طبيعي، فإنهما يكدران صفو الإخاء، ويدعوان إلى التفرقة والتشرذم. العلم والوحدة: العلم سلاح ذو حدين، من الممكن استخدامه لبث التفرقة والتشتت، ويمكن استخدامه لنشر أجنحة الوحدة والتآلف. يمكن استخدامه لبث التفرقة والتشتت باعتبار أن النفسيات المريضة إذا ما حصلت على العلم فإنه يغرس في ساحاتها الغرور والاستعلاء على الآخرين، وعلى الحق ذاته، وينبت فيها التعصب لفكرة ما، وإن اتضح لـه عدم صحتها، كما أن العلم يدعو أحياناً إلى كتمان الحقيقة وستر الواقع، وهذه جريمة كبرى على الحق والعلم. إنّ بقاء الإنسان جاهلاً أهون بكثير من جحوده الحقيقة، وبعبارة أخرى أريد أن أقول: ليس الراغب عن العلم بأعظم جناية ممن علم فكتم علمه. إنّ التاريخ السياسي العام يحدثنا عن وقوع كثير من الفتن والصراعات الشديدة عن طريق عدد من حملة العلم والمعرفة، ولقد قال تبارك وتعالى: ?... فما اختلفوا إلاّ من