العالم»(1) وكذلك يعتمد النظر المجرد الذي يستعين بقواعد اللغة وأساليب البيان من غير أن يخالف تفسيراً عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، أو يتنافى مع أسباب النزول التي صحت طرق اثباتها، ومن ثم فهو اعتماد النظر العقلي في آيات القرآن وألفاظه (2). وكما قال ابن تيمية في مقدمة أصول التفسير: «إنّ هذا النوع مما أجازه العلماء شريطة أن لا تعرض فيه بشاعة، ولا استقباح مع ملاحظة الاعتماد على ما نقل عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ مما ينير السبيل للمفسر برأيه على أن يكون ذا معرفة واطلاع بقوانين اللغة وأساليبها، وبصيراً بقانون الشريعة حتّى ينزل كلام الله على المعروف من تشريعه»(3). وإن كان المصدر في التفسير هو العقل مع عدم مراعاة الضوابط المتقدمة: فانه قد عده العلماء من التفسير الحرام استناداً لرواية ابن عباس عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار»(4). وذلك لأن كثيراً من نتائج هذا التفسير تأتي مناقضة لحقائق الشريعة (5) بل يعتمد هذا اللون من التفسير على الأراء المسبقة فإنه في غالب حالته يخضع الآيات للعقائد التي اعتنقها المفسر في مدرسته الكلامية كما في تفاسير المعتزلة والأشاعرة والباطنية والمتصوفة: فإن لهؤلاء عقائد خاصة في مجالات مختلفة زعموها حقائق راهنة على ضوء الاستدلال (6) فعملية التفسير هذه لا تخلو من حمل القرآن على الهوى بدل حمل الهوى على القرآن، ومن ثم تفتح مجالاً واسعاً لأن يقول كلّ في القرآن بما شاء ويطبقه على ما يشاء،