وقال ـ صلى الله عليه وآله ـ: «من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي، وقال: «من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار» أخرجه أبو داود. قال البيهقي في الحديث الأول: «هذا الحديث أن صح، فإنما أراد ـ والله أعلم ـ الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه، وأما الذي يسنده برهان فالقول به جائز». وقال في المدخل: «في هذا الحديث نظر، وإن صح فإنما أراد به ـ والله أعلم _ فقد الطريق فسبيله أن يرجع في تفسير ألفاظه إلى أهل اللغة...» قال: «وقد يكون المراد به: من قال فيه برأيه من غير معرفة منه بأصول العلم، وفروعه فيكون موافقته للصواب إن وافقه من حيث لا يعرف غير محمودة». وقال الماوردي: «قد حمل بعض المتورعة هذا الحديث على ظاهره، وامتنع من أن يستنبط معاني القرآن باجتهاد، ولو صحبتها الشواهد، ولم يعارض شواهدها نص صريح، وهذا ـ والكلام للماوردي ـ: عدول عما تعبدنا بمعرفته من النظر في القرآن واستنباط الأحكام، كما قال تعالى: ?... لعلمه الّذين يستنبطونه منهم...?»(1). ولو صح ما ذهب إليه لم يعلم شيء إلاّ بالاستنباط، ولما فهم الأكثرون من كتاب الله شيئاً وإن صح الحديث فتأويله أن من تكلم في القرآن بمجرد رأيه لا شاهد لـه. وقال ابن الأنباري في الحديث الأول: «حمله بعض أهل العلم على أن الرأي معني به الهوى فمن قال في القرآن قولاً يوافق هواه، فلم يأخذه عن أئمة السلف، وأصاب فقد أخطأ لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله ولا يقف على مذاهب أهل الأثر والنقل فيه». وقال في الحديث الثاني: «لـه معنيان: أحدهما من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله تعالى، والآخر ـ وهو