العقلي أو ما يصطلح عليه بتفسير القرآن بالرأي ينقسم إلى قسمين: أحدهما مقبول والآخر مرفوض، وهو الذي تحذر منه الروايات، وتنهى عن تعاطيه، وإن كان بعض أرباب الفرق الإسلاميّة يبيحونه مطلقاً، وبعض آخر يمنعه مطلقاً، ونحاول في هذا الاختصار أن نستعرض كلمات بعض أساطين المذاهب الإسلاميّة لنرى رأيهم في ذلك. يقول شيخ الطائفة الإمامية أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي في مقدمة تفسيره التبيان: «واعلم أن الرواية ظاهرة في أخبار أصحابنا بأن تفسير القرآن لا يجوز إلاّ بالأثر الصحيح عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، وعن الأئمة ـ عليهم السلام ـ الّذين قولهم حجة كقول النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ، وأن القول فيه ـ في القرآن ـ بالرأي لا يجوز، وروى العامة ذلك عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ انه قال: «من فسر القرآن برأيه وأصاب الحق فقد أخطأ»، وكره جماعة من التابعين، وفقهاء أهل المدينة القول في القرآن بالرأي كسعيد بن المسيب وعبيدة السلماني، ونافع، ومحمد بن القاسم، وسالم بن عبدالله، وغيرهم، وروي عن عائشة أنها قالت: لم يكن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يفسر القرآن إلاّ بعد أن يأتي به جبرائيل ـ عليه السلام ـ» (1). وظاهر عبارته قدس سره أنّه يمنع مطلقاً عن التفسير بالرأي: وإن كان دقيقاً في التفريق بينه وبين الاستفادات العقلية إذ إنه يقول في مورد آخر: «ولا يجوز لأحد أن يقلد أحداً منهم ـ أي المفسرين المتأخرين ـ بل ينبغي أن يرجع إلى الأدلة الصحيحة إما العقلية أو الشرعية»(2). وهذا يتضح منه أن العقل حجة لديه، بل لابد من جعله مناطاً في قبول تفسير ما أورده وقد قدمه في العبارة على الأدلة الشرعية.