وأما الأصول فلما كانت فاقدة لصفة الإحراز والكشف بصورة نهائية، ولم يكن لسان حجيتها جعل الكشف لها أو تتميم كشفها، فلا محالة لا يكون لوازمها العقلية والعادية حجة، ويقتصر أمر حجيتها على مؤداها فقط إذا كان مؤداها حكماً شرعياً، وعلى الأحكام التي تترتب على موضوعاتها إذا كان مؤداها موضوعاً لحكم شرعي. والثانية: تقديم الأمارات على الأصول، واعتبارها واردة أو حاكمة على الأصول وهذا ما سنوضحه أن شاء الله فيما يأتي بناءً على متبنيات مدرسة الشيخ الأنصاري. تقديم الأدلة بعضها على بعض: انطلاقا من الشرح المتقدم في التمييز والتفريق بين الأدلة (الاجتهادية) و(الفقاهتية) تتولى مدرسة الشيخ الأنصاري أمر تنظيم الأدلة وتقديم بعضها على بعض، فليس بين الأدلة الاجتهادية والأدلة الفقاهتية بناء على هذا التمييز تعارض، كما لا يكون بين العام والخاص تعارض إلاّ ما يكون التعارض البدوي غير المستقر، فإن الامارات ترفع موضوع الأدلة الفقاهتية تكوينا وبالوجدان أو بالتعبد والتشريع، وبارتفاع موضوع الأدلة الفقاهتية ترتفع الوظيفة العملية الثابتة بالعقل أو بالشرع لهذا الموضوع، فتتقدم الأدلة الاجتهادية على الأدلة الفقاهتية قهرا، ويتم ذلك من خلال منهجين مختلفين هما:(الورود) و(الحكومة). وسوف نتحدث عنهما في الفصل القادم عند الحديث عن تعارض الأدلة. 6 ـ تقسيم مفاد الدليل إلى الأحكام والوظائف العملية: ما هو مفاد الدليل؟ تحدثنا عن الحجة والدليل، والآن نتحدث عن مفاد ومدلول الدليل. ولكي نتحدث عن مفاد ومدلول الدليل لابد أن نفرق في البحث عن مفاد الدليل