وأما التحرك العملي نحو المؤدى فهو من لوازم العلم بالمؤدى وانكشاف المؤدى للمكلف، وهو على نحو التعبد وإلغاء الخلاف، وليس هو المجعول ابتداء في أدلة حجية الأمارات. مفاد أدلة حجية الأصول هو الجري العملي: وأما مفاد الأدلة الدالة على حجية الأصول فهذه النقطة الثالثة من جهات العلم، بمعنى أن المجعول في الأصول هو الجري العملي بموجب المؤدى، وليس في الأصول أي كشف أو إحراز ورؤية للمؤدى إطلاقا، وإنّما تتكفل أدلتها فقط بضرورة الجري العملي بالطريقة التي يقررها الأصل من البراءة والاشتغال والاستصحاب والتخيير، من دون فرق بين الأصول التنزيلية كالاستصحاب وغير التنزيلية كالاشتغال والبراءة ، إلاّ أنّ الأصول التنزيلية تختلف عن الأصول غير التنزيلية في أن المجعول في باب الأصول التنزيلية هو البناء العملي بموجب الأصل على أنّه هو الواقع وإلغاء احتمال الخلاف، وأما المجعول في باب الأصول غير التنزيلية فهو الجري العملي فقط دون البناء على أنّه هو الواقع. وهذا هو ما اشتهر على السنة تلاميذ الشيخ قدس سره أن المجعول في باب الأصول هو الجري العملي. نفي حجية مثبتات الأصول: ومن هذا المنطلق قرروا حقيقتين: الأولى: حجية مثبتات الأمارة دون الأصول، فإن الأمارات بعد أن يتم كشفها من ناحية الشارع تكون حجة في لوازمها العقلية والعادية، كما لو كان الكشف تاما تكوينا(1).