بين أمرين مختلفين الجعل والمجعول. إنّ الجعل يتم بإنشاء من ناحية المشرع، تحقق موضوعه في الخارج أم لم يتحقق، وأما المجعول فيتوقف بثبوته على حصول موضوعه في الخارج. ففي قولـه تعالى: ]واعلموا إنّما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى[(1) قد ثبت بتشريع هذا الحكم وتبليغه جعل وجوب الخمس على الغنائم على كلّ مكلف أحرز الغنيمة. وهذا الجعل قد تم وثبت بأصل التشريع ولا يتوقف ثبوته على تحقق الغنيمة في الخارج. أما الوجوب (المجعول) على عهدة المكلف فيتوقف تحققه على وجود المكلف وحصول الغنيمة فأيهما هو مفاد الدليل؟ أن مفاد الدليل دائما هو الجعل وليس المجعول، فإن الدليل لا يتعهد غير بيان أصل جعل وجوب الخمس على الغنيمة، أما تحقق وثبوت هذا الوجوب في الخارج على عهدة المكلف فلا علاقة له بالدليل وإنّما يتم بتحقق موضوعه وينتفي بانتفاء موضوعه في الخارج. الأقسام الثلاثة للأصول: وتوضيح ذلك أن الأدلة الفقاهتية على ثلاث طوائف: الطائفة الأولى: الأصول المؤمنة كالبراءة العقلية والشرعية. والطائفة الثانية: الأصول المنجزة والمثبتة للوظيفة الشرعية والعقلية كالاشتغال والاستصحاب في بعض الموارد. والطائفة الثالثة: ما يفيد التخيير ويرفع كلية التعيين عن عهدة المكلف، وهو