المسألة الثانية: وهي مسألة مهمّة في رصيد التقريب، خلاصتها: أن المتتبع ليجد توافقاً كبيراً في تفسير الآيات التي ذكر فيها «الوجه» و «العين» و«اليد» التي تنسب إلى الله تعالى إنّ النهج العقلي ظاهر في هذا الوفاق عند الفريقين، وخاصة حين يبدو أن موضع الخلاف الذي ظهر بين الفريقين في واحدة من آيات الصفات كان مصدره النقل، لا العقل. ذلك الخلاف وقع عند قوله تعالى ?وجوه يؤمئذ ناضرة إلى ربها ناظرة?(1) فأهل السنة حين جوزوا الرؤية استندوا في ذلك إلى النقل، والشيعة حين منعوا من ذلك وذهبوا إلى خلاف الظاهر استندوا في مذهبهم إلى النقل أيضاً، أما البراهين العقلية فقد جاءت تابعةً لذلك. ولم يخرج عن هذا الوفاق سوى أهل الظاهر والحشوية. استغراب: مما يثير الاستغراب: الدعوى التي أطلقها ابن تيمية وأحاطها بعبارات تفيد القطع والتأكيد اللذين يمتنع معهما الرد والجدل. تلك هي دعواه في عدم ورود التأويل في شيء من آيات الصفات في تفاسير الصحابة والسلف، فقال ما نصه: «إنّ جميع ما في القرآن من آيات الصفات، فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها، وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث، ووقفت على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنّه تأول شيئاً من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف