عند الفريقين. وهذا الخلاف الذي ظاهره الاستفادة من اللغة هو في الأصل نابع عن المصدر الثاني ـ المصدر العقلي ـ كما سنرى. العقل: لما كان العقل عند المعتزلة مستقلاً في الحكم، مقدماً على الشرع، فقد كثر عندهم الرجوع إلى العقل في التفسير، وآلتهم في ذلك اللغة ومفرداتها ومفهوماتها. ورأى الإمامية أن العقل طريقاً موصلاً إلى العلم القطعي، فلذلك لا يصح عندهم أن يكون شاملاً للظنون(1). كما عدوا الرجوع إلى العقل بلا دليل يدل عليه عدوه من اتباع الظن الذي لا يغني من الحق شيئاً، وأن العدول من الحقيقة إلى المجاز لا يصح إلاّ بدليل صحيح وحجة قاطعة(2). وأهل الظاهر على خلاف الفريقين معاً. والمهم في هذا الموضوع مسألتان نشير إليهما بإيجاز: المسألة الأولى: إنّ الاختلاف في الفهم وفي التفسير ضمن الحدود التي تستوعبها اللغة العربية ويتحملها النص القرآني أمر لا غرابة فيه، ولا يستنكره الدين ولا تأباه العقول، بل يمكن أن يقال إنه أمر لابد من وقوعه، كما أن وقوعه خير من عدم وقوعه، لأن فيه من التوسعة والتيسير ما لا يخفى، ولأنه وليد طبيعي لحرية التفكير ولحياة الأمة. ولكن الذي يستنكره الدين بلا ريب أن تصبح هذه الاختلافات المباحة