والسؤال الذي أثيره هنا، هو: أن هذه النقطة تمثل موضعاً مهمّاً وكبيراً من مواضع الوفاق والتي تشغل المساحة الأوسع في التفسير، وكان هذا لابد أن يظهر في تفاسير المسلمين عامة، وفي التفاسير الروائية التي اعتمدت المأثور خاصة. لكن لم يظهر شيء من ذلك، فما هو السر في ضياع هذه المساحة الواسعة من مساحات الوفاق ؟ وهل من سبيل إلى تدارك هذا الأمر؟ أرى أن هذه إثارة جادة، جديرة بأن تحظى بعناية المتخصصين في هذا الباب، بالدرس والتحقيق الموضوعيين، وسوف تعود تلك المساعي على الأمة بنتائج حسنة بلاشك. التفسير بالرأي: 1 ـ التفسير بالرأي المقبول عند المسلمين عامة هو ما كان قائماً على الاجتهاد الصحيح المستند إلى الأصول الثابتة في الشريعة وإلى اللغة والبلاغة والبيان. وقد شاع هذا المنهج بين المسلمين وسار عليه أكابر المفسرين، وقد اختلفت هذه التفاسير في مدى اعتمادها على المأثور، وفي طبيعة استفادتها من اللغة، وطبيعة رجوعها إلى العقل. وفي هذا النوع من التفسير تختفي أو تعار آفات التفسير بالمأثور من كثرة الموضوعات والإسرائيليات غير أنها من ناحية أخرى كانت مسرحاً لظهور العقائد والنزاعات المذهبية. وقد تجسدت آفتها الكبرى حين أصبح القرآن فيها تابعاً لعقائد المفسرين منقاداً لها، بدلاً من أن يكون مصدراً لها حاكماً عليها فكثر فيها التأويل وصرف النص عن ظاهره والتحكم بالمعاني والمفردات لأجل موافقة المذاهب والانتصار لها. وهذا طريق خاطئ بلا شك، لا يقره أحد أبداً، لكن هذا الطريق الخاطئ أصبح