الروايات المنقولة عن مصادر الفريقين وحاكم بينها مستعيناً بالنص القرآني والسياق والأصول لينتخب الأنسب منها، فربما اتفقت عنده روايات الفريقين فأقرها جميعاً، وربما ردها جميعاً، وربما رجح رواية أحد الفريقين وفق القواعد المذكورة بعيداً عن التحيز والهوى والعصبية المذهبية. وهذا المنهج منهج حق، جدير أن يقتدى به. وفي حدود مطالعتي لم أجد أحداً يتقدم في هذا المنهج على الشيخ البلاغي في تفسير «آلاء الرحمن». ثم هو منهج تقريبي ممتاز، جاء البعد التقريبي فيه تابعاً للبعد العلمي التحقيقي السليم، وهذا هو التقريب الحقيقي. وهو منهج متقدم على ما سلكه الشيخان الطوسي والطبرسي في تفسيريهما حيث حاولا إيراد المهم والمعتمد مما قاله أصحاب المذاهب المختلفة في تفسير كلّ آية، مع ما في هذا الذي ملكه الشيخان من اعتداد ظاهر بآراء المذاهب على اختلافها، أو على الأقل فهو منهج ينطوي على تقدير لتلك الآراء، فلا إنكار ولا تهجم ولا ازدراء ولا تناس! وفي هذا من الاثر التقريبي ما لا يخفى. 4 ـ تتمة مهمة أثيرها، ولا أمتلك جواباً عنها، الآن على الأقل، وهي: إنّ أصحاب التفسير الّذين نقلوا تفاسير السلف قد تسالموا على أن أكثر الصحابة تفسيراً عبد الله بن عباس، ونقلوا عن ابن عباس أنّه أخذ تفسيره عن علي u. قال ابن عطية: أما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب، ويتلوه عبد الله بن عباس وهو تجرد للأمر وكمله، وقال ابن عباس: ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب (1).