حكم وفرضنا فيما نحن فيه شك المكلف فيه، فإذا فرضنا ورود حكم شرعي لهذا الفعل المشكوك الحكم كان هذا الحكم الوارد متأخرا طبعا عن ذلك المشكوك فذلك الحكم حكم واقعي بقول مطلق وهذا الوارد ظاهري لكونه المعمول به في الظن وواقعي ثانوي لأنه متأخر عن ذلك الحكم لتأخر موضوعه عنه، ويسمى الدليل الدال على هذا الحكم الظاهري أصلا، وأما ما دل على الحكم الأول علما وظنا معتبرا فيختص باسم الدليل وقد يقيد بالاجتهادي، كما أن الأول قد يسمى بالدليل مقيدا بالفقاهتي وهذان القيدان اصطلاحان من الوحيد البهبهاني لمناسبة مذكورة في تعريف الفقه والاجتهاد، ثم أن الظن غير المعتبر حكمه حكم الشك كما لا يخفى. ومما ذكرنا من تأخر مرتبة الحكم الظاهري عن الحكم الواقعي لأجل تقييد موضوعه بالشك في الحكم الواقعي يظهر لك وجه تقديم الأدلة على الأصول، لأن موضوع الأصول يرتفع بوجود الدليل، فلا معارضة بينهما، لا لعدم اتحاد الموضوع بل لارتفاع موضوع الأصل وهو الشك لوجود الدليل. المنهجية الجديدة لعلم الأصول: ومهما يكن من أمر فان الشيخ الأنصاري قد وضع في هذا التقسيم الذي ذكره للدليل أساساً قويا لمنهجية جديدة تماماً في علم الأصول، وجعل منه منطلقاً جديداً لعلم الأصول، وانطلق منه إلى اكتشاف ودراسة الآثار والنتائج العلمية الكبرى المترتبة على هذا التفكيك. وعلى هذا الأساس ادخل الشيخ الأنصاري الأدلة الاجتهادية في المقصد الثاني من كتابه، في بحث الظن كالبحث عن خبر الواحد والإجماع والسيرة والشهرة، وهي الظنون الخاصة التي اعتبرها الشارع وثبت عندنا اعتبارها بدليل قطعّي بينما بحث (الادلة الفقاهتية) وهي الأصول العملية الأربعة في المقصد الثالث وهو مبحث الشك. وقسم الشيخ الأنصاري الأصول العملية الأساسية التي تجري في ظرف الشك إلى