الناسخ والمنسوخ هذه التغيرات الواردة في الأديان. وإذا سئل كيف حصلت هذه التغيرات ومن الذي نظمها؟ نقول باختصار: إلى زمن مجيء سيد الأنبياء: كان التغير في المسائل الشرعية بأمر من الله تعالى لأنه أمر كلّ نبي ما وجب عليه من تبليغ الأحكام، وكان هذا الأمر بالوحي عنه إلى أنبيائه ورسله. وهل وقف هذا التغير بمجيء خاتم الأنبياء محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ ؟ نقول بصراحة إنه لم يقف بل استمر لأسباب: الأول: ما وقع فعلاً في الأديان السماوية التي عرفناها في القرآن الكريم، لأن الله سبحانه وتعالى بين في كتابه العزيز أن بعض أحكام الأنبياء السابقين نسخ، والنسخ أقوى دليل على هذا التغير بالنسبة للأديان السالفة. الثاني: ما وقع فعلاً في حين نزول الوحي على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ حيث إنه نزل منجماً في مدة ثلاث وعشرين سنة، وحدث هذا التغير بالذات مراعاة لتربية الإنسان، وقد ثبت أن بعض الأحكام قد تغيرت في هذه المدة وهي ما نعرفها بالناسخ والمنسوخ بالنسبة لشريعة محمّد ـ صلى الله عليه وآله ـ مدة نزول الوحي. الثالث: حديث معاذ t حينما أرسل إلى اليمن والياً؛ سأله رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ بماذا تحكم يا معاذ؟ قال بكتاب الله، قال فإن لم تجد فيه ؟ قال: بسنة رسول الله، قال فإن لم تجد فيها ؟ قال: اجتهد برأيي أو بعقلي فقال الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله. الرابع: حديث «أنتم اعلم بأمور دنياكم»، فإن هذا الحديث يدل على وجوب العمل بالعقل في الأمور الدنيوية مراعياً حدود الله كما قرر العلماء: أن الأصل في الأشياء الإباحة. ففي الأمور المباحة توسع للعقل، ويكون المعيار في هذا قوله تعالى: ?إنّ تجتنبوا