3 ـ الفهم الحكمي: أما الفهم الحكمي للدين فهو البحث عن حكمة التشريع بالفعل والمنطق، فهذا الطريق يرى من الوهلة الأولى أنّه أحكم واثبت في نشر الدين وتطبيقه، إلاّ أنّه يجر إلى اشياء أخرى قد ينتهي بالبعد عن تطبيق الدين لان العقل والمنطق ازاء هذه الأحكام العقلية والمنطقية يصل إلى بعض النتائج مثل: عدم لزوم تطبيق بعض أوامر الشريعة ونواهيها كما هو منتشر الآن في العالم الإسلامي خاصة بين المثقفين والاداريين لأنهم ـ كما تعلمون ـ لا ينكرون الإسلام بل يتعللون بالعقل والمنطق، إنّ هذه الأوامر والنواهي لا تلائم حاجة العصر لذلك ترك كثير من البلاد الإسلاميّة تطبيق الحدود التي جاءت بالنصوص القرآنية، وأخذوا كثيراً من القوانين والنظم من الغرب، فيجب علينا أن ننظر في هذه المسائل بالعقل السليم الذي هو أصل لفهم الدين. اريد أن أقول هنا: إننا لو رجعنا إلى أصل الشريعة وهو الكتاب والسنة بعيداً عن هذه المذاهب والآراء التي هي من عقل البشر لوصلنا إلى نتيجة صحيحة وهي أخذ الإسلام عموماً والتمسك بالنصوص القطعية، وعدم التوغل في تفسير القرآن وشرح الأحاديث وترك المسائل على عمومها، وذلك كما نرى أن كثرة القوانين والأنظمة في بعض دول العالم لا تأتي بخير بل تضيق الطريق، وكذلك كثرة المذاهب والآراء جعلت المجتمع الإسلامي يطاحن بعضه بعضاً، وسبب تأخر المسلمين في مسايرة تطور الحياة اليومية حتّى انهم تركوا نظمهم الإسلاميّة وأخذوا النظم غير الإسلاميّة؛ كمما هو الحال في كثير من البلاد الإسلاميّة. والشيء الغريب أن المسلمين اعتمدوا على الغرب في العلوم والتكنولوجيا ولم يطوروا ما عندهم من العلوم والتكنولوجيا، لذلك تأخروا في العلوم والتكنولوجيا والصناعة.