وفي السنة أيضاً أحاديث تشير إلى اليسر مثل الحديث المشهور«يسروا ولا تعسروا، بشروا ولا تنفروا». روى البخاري في كتاب الإيمان في باب «الدين يسر» عن أبي هريرة t: قال الرسول ـ صلى الله عليه وآله ـ: «إنّ الدين يسر لن يشاد الدين أحد إلاّ غلبه فسددوا وقاربوا واستعينوا بالغدوة والروحة وشي من الدلجة». قال العين في شرح الحديث: لا يتعمق أحدكم في الدين فيترك الرفق إلاّ غلب الدين عليه وعجز ذلك المتعمق وانقطع عن عمله كله أو بعضه. وانا أقول: أن التعمق في الدين يضر الناس لأنه يؤدي إلى آراء ومذاهب كما هو الحال في زماننا وكثرة الآراء والمذاهب تمنع اتحاد واتفاق المسلمين وهذا أيضاً يكون سبباً للفرقة، والفرقة سبب الضعف، والضعف هو المغلوبية كما اخبر الله في القرآن ?أطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأصبروا إنّ الله مع الصابرين?(1). فصاحب الفهم التعبدي للدين يأخذ بنصوص القرآن وبصحيح السنة ويتمسك بهما ولا يتدخل في تفصيل المجمل وتعميم الخاص وتخصيص العام، وإنّما يمشي في توسع ويهتم بالإيمان أكثر مما يهتم بالعمل ويتخلص من معضلات المذاهب وكان ذلك سلوك أبي حنيفة t، إلاّ أن الّذين جاؤوا بعده تركوا منهجه في التقرب إلى الشريعة وأصبح من أصعب المذاهب في مسائل كثيرة. فيجب في تفسير القرآن أن يكون على هذا المنهج وهو التوسع والسهولة وعدم التوغل في النظريات على منطق أرسطو، وكان ابن عباس مع صغر سنة من أكبر الصحابة عند سيدنا عمر t وكان دائما يستشير ابن عباس حتّى قال العباس t لابنه يوماً «يا بني إنّ هذا الرجل ـ يعني عمر ـ يهتم بك اهتماماً بالغاً